هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

المصريات حبي وشغفي وشاغلي - سعيد سليمان

اذهب الى الأسفل

المصريات حبي وشغفي وشاغلي - سعيد سليمان Empty المصريات حبي وشغفي وشاغلي - سعيد سليمان

مُساهمة  سعيد سليمان الأربعاء يوليو 07, 2010 1:49 am

نسخة تمت مراجعتها وتصويب أخطائها_سعيدسليمان:>الدكتور أسامة السعداوي
لقاء مع الباحث والأديب المصري سعيد سليمان
منقول عن موقع ملتقى أسارير الأدبي
20 ديسمبر 2009م ..






تقول الأستاذة سارة بيصر .. مشرفة ملتقى أسارير الأدبي .. معنا على مائدة الحوار باحث وأديب امتازت كتاباته برقي أفكارها وروعة صياغتها فاتحفنا بأسلوبه الإبداعي الجميل ..
رحبوا معي بالأستاذ الفاضل سعيد سليمان ..
ويعرفنا الأستاذ سعيد سليمان بنفسه قائلا .. اسمي : سعيد ... سليمان ... مصري من ميت العز بقويسنا محافظة المنوفية .. من مواليد 15 أغسطس 1949م .. حاصل على ليسانس آداب وتربية انجليزي من جامعة عين شمس .. معلم سابق للغة الانجليزية .. وأهوى البحث في علوم التاريخ واللغات ..
كان السؤال الذي وجهته الأخت سارة بيصر هو .. مِن أين أتى اهتمامك بالتاريخ؟



^^^^



للزمن ثلاثة أبعاد .. الماضي والحاضر والمستقبل .. والزمن ما هو إلا واحد من الأبعاد الأساسية في حياة كل منا .. فلكل منا ماضيه وحاضره ومستقبله .. ولكل إنسان تاريخه الشخصي .. لذلك فالتاريخ هو واحد من أبعاد عمر الإنسان وهو مانسميه .. ماضي الإنسان ..
ويبدو لي أن الإحساس بالزمن يعتبر من الأمور الفطرية في حياتنا .. كلنا لدينا القدرة على الإحساس بالزمن وإن تفاوتت تلك القدرة من إنسان لآخر .. وكل واحد منا لديه ساعته الزمنية الفطرية تتفاوت دقتها من إنسان إلى آخر تبعا لمحددات أخرى في حياة كل فرد على حدة .. ذلك هو المنطلق البشري الذي منه ينطلق مفهوم التاريخ في حياة أي إنسان ..

وقد يعتقد كثيرون أن الماضي كان أفضل من الحاضر .. أو أن الحاضر أفضل من الماضي .. غير أني أرى في ذلك مغالطة وسهوا .. ليس المجال هنا مجال توضيحها أو مناقشتها .. إن الماضي هو أحد الأبعاد التي تشكل منها الحاضر ولا أفضلية بينهما ..
الأبعاد الرئيسية الثلاثة لأي موضوع فهي .. الزمان والمكان والحال .. فإذا اعتبرنا الحاضر موضوعا لقضيةٍ، كأن تكون تلك القضية هي حال أمتنا الآن .. وجب علينا الدخول إلى الأسس التي بنيت عليها هذه القضية .. وبلا شك يدخل في عناصر تشكيلها قضايا أخرى كثيرة لكل منها ثلاثة أبعاد على الأقل .. وكلها قضايا تندرج تحت عنصر البعد الزمني الذي هو هنا الماضي .. أي التاريخ ..

ولكي نتخذ التاريخ بعدا من أبعاد التعرف على الحاضر لزم علينا فهم التاريخ أولا كقضية بذاتها، وأن نفصلها تفصيلا، وأن نعرف أبعادها الثلاثة معرفة واضحة ودقيقة أيضا .. فإذا أهملنا ذلك أو تكاسلنا عنه أو نقلنا من التاريخ بغير وعي ولا استقراء وقعنا في الزلل والتزييف عن غير عمد .. نكون كالذي يظن أنه يحسن صنعا حين أساء ..

***



التاريخ في حياتي ..


كانت أول دراسة لي في مادة التاريخ عندما كنت في الصف الخامس الابتدائي .. وللأسف الشديد فـقدت من ذاكرتي اسم كتاب التاريخ الذي كنا ندرسه آنذاك .. فقد كان رائعا بجميع المقاييس؛ حسب ما ترك في ذاكرتي من انطباعات كانت هي الأساس الصحيح لمسار التاريخ ودراسته في حياتي بصورة عامة .. كنت في الحادية عشرة من عمري .. أي في العام المدرسي 59-1960 مالم أكن مخطئا. كان هذا الكتاب عبارة عن مجموعة من الموضوعات جُـلـُّها .. إن لم تكن كلها .. يحمل كل واحد منها عنوان .. قصة .. وعلى سبيل المثال .. قصة مينا وتوحيد القطرين وقصة بناء الأهرامات وقصة الملك تحتمس الثالث والعصر الذهبي للفلاح .. إلى آخر موضوعات الكتاب. والذي سقته هنا من أمثلة عناوين موضوعات الدروس هو للتمثيل، وليس بالضرورة نقلا من موضوعات الكتاب .. فقد استدعيته من الذاكرة فكراً لا نصا ..
كان الكتاب شيقا وكان المعلم - رحمه ا لله - ثورة جديدة في التعليم والمعلمين .. كان المعلمون آنذاك إما مطربش أو معمم .. إما يلقب بالأفندي أو بالشيخ .. المطربش أفندي .. والمعمم شيخ .. أما في تلك السنة فقد وصل إلى مدرستنا اثنان من نمط جديد؛ حاسر الرأس مصفف الشعر لا هو مطربش ولا هو معمم، وهما من الشباب لا من الكبار. وهذا النمط الثالث كنا نلقبه بـ"الأستاذ". كان وصول المعلمين الجديدين الأستاذ فتحي البطراوي شفاه الله والأستاذ محمد بيومي - رحمه الله - ثورة جديدة في عالم التعليم ويطبقان نظرية تربوية جديدة .. وأراها كانت ناجحة. فقد نتج عنها حبي للأستاذين وللمادتين .. التاريخ والرسم.


كنا نحضر حصة التاريخ في شغف ونستمع إلى الأستاذ وكاننا نسمع قصة من قصص ألف ليلة وليلة التي كانت تذاع بعد العشاء في شهر رمضان. وكنا نلتف حول طاولة الرسم التي يجلس إليها الأستاذ فتحي - شفاه الله وعافاه - ننظر وكاننا نعيش حلما جميلا زاهي الألوان باهر الأضواء وكان يمر علينا ونحن نرسم فيقول: " فين البعد التالت؟" ورغم أن تلك العبارة كانت تغيظني آنذاك إلا أني كنت لا أشعر ضدها بمقاومة أو رفض. فلم أفهم المعنى الحقيقي لعبارة البعد الثالث إلا منذ عقدين من الزمان أو يزيد قليلا. أقصد معرفتها كمفهوم عام لا كمفهوم في الرسم والتلوين .. كل شيء له أقل من ثلاثة أبعاد فهو شيء ناقص ..

ورغم الطباعة المتواضعة لكتاب التاريخ آنذاك إلا أنه كان يأسرني بموضوعاته وصوره .. وأحسب أن الذين كانوا يقومون على التعليم بصفة عامة في ذالكم الوقت هم أكثر صدقا وأكثر إخلاصا وأكثر ولاء لمصر من الجيل الموجود الآن .. فإني لا أرى تعليما على الإطلاق في زماننا هذا . بل أرى مسخا أو مسوخا عجيبة لا قوام لها ولا ألوان ولا طعوم .. بل لا تمت إلى التعليم بأية صلة .. كلها تتعلق بشيء واحد هي نتيجة الامتحان .. ولذلك تحولت المدرسة من مؤسسة تعليمية تبث العلوم وأنوارها في المجتمع إلى مؤسسات وهمية أشبه بالحظائر يتجمع فيها الطلاب على كره منهم ولا يتعلمون هنالك شيئا ثم يخرجون أو يهربون بالمعنى الأصح ليذهبوا إلى حظائر أخرى هي الدروس الخصوصية التي بدورها لا تعلم شيئا أكثر من مهارة التعامل مع الامتحانات. وهذا بلا شك لا يمكن أن يكون هدفا رئيسيا للعملية التعليمية في أي مجتمع مهما كان تخلفه طالما أن هناك أهل رشد ونضج ووعي وعلم يديرون العملية التعليمية.

معذرة فقد خرجت عن موضوع التاريخ .. ولكن مرارة ما أرى اليوم استدعت من الذاكرة شيئا وعقبت عليه بشيء مما يثقل الصدر بالهم.
حبي للتاريخ بدأ منذ الصف الخامس الابتدائي ولكن هذا الحب تعرض لانتكاسات كثيرة في مراحل سنية مختلفة من مراحل عمري .. ومع ذلك ظل الحب قائما وظلت جذوة الشوق له في قلبي مشتعلة بل يزداد لهيبها اشتعالا، ويزداد عقلي تذمرا من العديد من المحبطات ومن المغالطات.
التاريخ في مراحل عمري المختلفة ..

حاولت كثيرا أن أتعلم الرموز الصوتية "الهيروغليفية" كما كانوا يسمونها وكما يحلو للمغالطين حتى اليوم .. فشلت المحاولات لأنه لا توجد أية علاقة بين تلك اللغة التي اصطلحوا عليها وبين المنهجية التي يمكن أن تبنى عليها أية لغة مهما كانت .. كان من المستحيل بالنسبة لي أن أبتكر لها منهجية تعينني على التعامل معها.
اشتريت معاجم مصورة مما تتعامل مع تلك النقوش .. وكنت لا أملَّ كتابة ملحوظات رافضة ، وبعض هذه االملاحظات ما أخطه مبينا لكلمة على غير ما يرى صاحب المعجم .. ناهيكم عن تلك الأسماء العجيبة التي لم ترد في أية لغة بشرية ولا يمكن لها أن توجد على لسان إنسان مثل سمنكاوهفنغهخر .. معذرة للمثال فهو من تصويري لتلك اللغة التي قالوا لنا أنها لغة المصريين؛ أجدادنا.

هذا من جهة اللغة على وجه الاقتضاب .. فلقد وجدت كلمات مثل "ست" التي تعني امرأة أوسيدة .. كما لاتزال تستعمل حتى اليوم .. ما يشكل ازدواجية شاذة .. فمن أين جاءت غخنهخفع لتقف بجوار ست في نفس اللغة الواحدة؟ لم تحل تلك العقدة حتى صادفت ما أورده الدكتور أسامة السعداوي في موقعه على المشباك .. من هنا فقط بدأت أجد منهجية أوصلتني إلى قراءة بعض اللوحات بمفردي دون الاستعانة بأي شيء غير مرجعية الدكتور أسامة السعداوي - حفظه الله .. وكان مما أثلج صدري هو ذلك الاكتشاف المفصلي الذي توصلت إليه للوحة الوالدات - كما سميتها - وهي مسجلة باسمي على موقعي على شبكة النتلوج باللغة الإنجليزية ..
أما من حيث موضوعات التاريخ المصري .. خصوصا تلك التي تتعلق بما أساءوا به إلى المصريين افتراء وزورا وبهتانا عليهم ، ذلك موضوع الآلهة المصرية القديمة .. لقد صوروا لنا المصريين القدماء يعبدون كل شيء إلا الله .. يعبدون الجعلان (الجعران) ويعبدون الثعبان ويعبدون الضفدع ويعبدون التمساح ويعبدون ابن آوى ويعبدون الصقر .. أو كما قلت يعبدون كل شيء إلا الله. (لقد جمعت في يوم واحد مائة وعشين لوحة تصور ما سموه آلهة! منها إبليس اللعين!) .. وفي نفس الوقت هم يؤمنون بالبعث والحساب والصراط، والميزان والخير وكف الأذى عن الناس والإحسان إلى الناس وعدم أكل أموال الناس بالباطل وألا يأكلون أموال اليتامى ظلما وإقام الصلاة والتسبيح للمعبود .. إلخ! لقد حول علماء المصريات كل شيء لم يستطيعوا فهمه أو تفسيره .. حولوه إلى إله جديد وهم لا يزالون يكتشفون لنا آلهة جديدة وأسماء جديدة بين الحين والحين .. ترى بأي عقل يفعلون ذلك؟ أم هي خطة محكمة لغرض لا نعرفه؟ أيَّ ارزدواجية شاذة هي تلك؟

وهل يستقيم لذي عقل أن يكون هناك أناس على هذه الشاكلة من الأخلاق وهذا الحال من الإيمان، ثم يقال أنهم يعبدون أي شيء من دون الله؟ من أين لهم أن يتعلموا ذلك أو يعرفوه في ذلك الزمان السحيق إلا أن يكون من خلال أنبياء ورسل أرسلهم الله إليهم؟

وأين أسماء الأنبياء ووالرسل؟

أين يوسف؟ ذلك الصغير الذي تربى في بيت عزيز مصر؟ وولي خزائنها أيام المجاعة والجدب والقحط؟ ألم تك تلك حادثة تستحق الذكر؟ خصوصا وأن الملك هو الذي استدعاه، وهو الذي قبل طلبه الولاية على خزائن الأرض (مصر)؟
وأين موسى؟ ربيب قصر فرعون الذي قضى به الله على فرعون وملئه وجيشه جميعا؟
إضافة إلى ذلك أنه من بين بعض ما ترجمه العلماء المخلصون أشياء تتكلم عن الله الواحد رب الأرباب ورب كل شيء .. كيف يستقيم هذا مع ذاك؟ وكيف يوضعان في كفة واحدة بدلا من كفتين لنرى أيهما الأرجح؟ إنها ازدواجية أخرى منفرة!
لقد زعموا لنا أن شامبليون استطاع أن يفك شفرة حجر رشيد! أين ترجمات شامبليون نفسه لرموز حجر رشيد؟ لا أحد يعرف! وإن كان منكم من يعرف فليتفضل مشكورا ويدلني أين هي!
أين هي النصوص الثلاثة في ترجمات شامبليون؟ ألم يك شامبليون نفسه يهوديا؟ ولماذا قتلوه إذن؟

لقد قالوا لنا، ولا ندري من هم الذين قالوا، أن هناك ثلاثة نقوش على حجر رشيد، لماذا كذبوا؟ لماذا لم يقولوا أنها نصوص ثلاثة؛ كل واحد منها له نص مستقل عن غيره؟ إذا كان حجر رشيد هو المحك وهو المعتمد في حل الشفرة فلماذا التعمية عليه؟ ولماذا أبعدوه عنا حتى لا نراه؟ لماذا لم يقولوا لنا أن هناك بشارة (إنجيلا) يبشر بنبي قادم هو نبي يبعثه الله لكل الأمم ليكون شاهدا ومبشرا ونذيرا؟ لماذا أخفوا أن اسم النبي محمد مكتوب خمس مرات في تلك البشارة؟ لماذا؟ هل من مجيب؟
أليس الأولى بنا أن نوفر الوقت والجهد لأمر يدفعنا إلى الأمام في علوم المصريات؟ هل من سبب يدعو للتدليس على تاريخ أمة بكاملها؟
لماذا لا يكلمنا أحدهم عن حجر باليرمو؟ لو كان ما يقولون صحيحا لحدثونا أو حدثوا غيرنا عن كل شيء!

ولماذا يتوجهون بكل شيء في تاريخ مصر إلى الوثنية؟ هل وثنيةٌ هي تلك الأرض التي كرمت الخليل إبراهيم؟ هل وثنية هي تلك الأرض التي نشأ فيها يوسف الصديق؟ هل وثنييون هم أولئك الناس الذين خلدوا موسى واتبعوه؟

وهل السحرة - الذين آمنوا بموسى ولم يأبهوا بظلم فرعون وجبروته - كانوا وثنيين أيضا؟ أم تراهم كانوا من كوكب آخر استوفدهم فرعون ليدحض بهم سحر موسى؟
لقد هلك وفرعون ومن معه، فهل كان بقية أهل مصر أيضا وثنيين؟ ولماذا أبقاهم الله ولم يغرقهم أو يرسل عليهم من السماء ما يقضي عليهم؟
هل يتجزأ العدل الإلهي؟

ومن يكونون إذاً؛ هم أولئك الذين شيدوا طودا شامخا لعبادة رب موسى مكتوب على بابه "بسم الله الرحمن الرحيم"؟
هل وثنيون هم أولئك الذين حفظوا المسيح وأمه العذراء البتول وأحبوهم ودونوا ذكراهم؟
هل وثنيون أولئك القوم الذين خلدوا العذراء فجعلوها اسما لأحد البروج السماوية التي أقسم الله بها في قوله "والسماء ذات البروج"؟ هل هم وثنيون الذين كتبوا نقشا على الحجر يبشر بقرب مقدم النبي الجامع الذي يرسله الله للعالمين بشيرا ونذيرا وداعيا إليه بإذنه وسراجا منيرا؟
وإن كنت لا أعجب من فعل الروم أعداء الله، وهم يعبدون الأوثان حتى اليوم، فعجبي لا ينتهي من فعل بني جلدتنا، فهم محسوبون علينا، وهم محسوبون منا ونحن منهم .. بل كلما ظهر بارق نور يهدي إلى الحق جدوا في إطفائه، والتعمية عليه؛ حتى يخبو نوره ولا يكاد يرى.
كنت أتحدث (منذ ستة أعوام) مع ضيف حبيب جاء يزورني وتبادلنا شيئا مما يؤرقني بخصوص التاريخ المصري واللغة المصرية فابتهج وأرسل إلىَّ بعدها هديةً؛ كتاب: "فجر الضمير" لـ (هنري برستد)، وكنت قد اطلعت على كتاب آخر له أيام كنت طالبا في الجامعة هو كتاب "تاريخ الحضارة" باللغة الانجليزية، كان ضمن كتب مكتبة نادي الطلبة الوافدين بالدقي آنذاك. وكان الذي أوصاني بقراءته هو الأستاذ فوزي عبد السلام المشرف العام على المكتبة، فقد كان منتدبا من المعهد العالي الفني بشبرا للإشراف على تأسيس ومتابعة المكتبة، وكانوا قد اكتفوا بي مساعدا، ولم يكن للمكتبة أمينا، غير أنها كانت عهدة مدير النادي شخصيا آنذاك؛ الأستاذ محمد عبد المنعم رحمه الله.

فرحت بالكتاب الذي أهداه لي الصديق مجدي لطفي، ورحت أقرؤه بدافعية عالية ونهم وتركيز وفحص وتمحيص وتدقيق وتحري. وأدون ملاحظاتي على هوامشه.
وكانت تلك هي نقطة البداية للمرحلة الأخيرة التي لا زلت أعايشها حتى ساعتي هذه .. وهنا أنتقل إلى السؤال الثاني ..
ولماذا تؤيد فكر د.أسامة السعداوي حول الحضارة المصرية القديمة؟
ما ورد عن الدكتور أسامة السعداوي ليس فكرة ولا وجهة نظر .. بل هو نتاج منهج علمي راسخ ورصين لا مغالطة فيه ولا تخمين .. وفي أبريل الماضي (2009) – وعن طريق المصادفة - اشتبكت بموقع للدكتور أسامة السعداوي، ولكنى ظننته كغيره، فلقد كان لبعض الباحثين المصريين نظرات جديدة، لها اعتبارها ولكنها كانت كلها مبتورة .. فكلها تتناول جزئيات مبعثرة لا يمكن أن تشكل هيكلا كليا لموضوع اللغة المصرية .. هي أشبه بنظامنا التعليمي القائم الآن في مصر منذ كان الغش فى الامتحانات يتم عبر مكبرات الصوت خارج لجان الامتحان؛ حتى أوقف تلك الظاهرة وقضى عليه الدكتور فتحي سرور حين ولي وزارة التربية والتعليم في مصر.
نقلت من موقع الدكتور أسامة السعداوي بعض الأشياء على أمل أن أقرأها بعد الانتهاء من موضوع بحثي الذي كنت بصدده. ولكن زحمة القراءة أخذتني بعيدا بعض الوقت، إضافة إلى الاهتمام باكتشافات الدكتور إبراهيم كريم في علم "المجالات الحيوية للأشكال الهندسية" (BioGeometry) كان قد استأثر بمعظم وقتي، ولم يَخْبُ مني الاهتمام به حتى اليوم.

فلما عدت إلى قراءة الدكتور أسامة السعداوي، اكتشفت أني أمام منارة ضوء جديدة تهدي من استهدى وتأخذ به إلى بر الأمان دون أية مخاطرة ..
لماذا؟
لقد اكتشفت، ولأول مرة في تاريخ علم المصريات، أنني أمام علم مُنَظـَّر، له منهجه العلمي، وهو نفسه ناتج عن منهج علمي.
وجدت نفسي فجأة أمام نظرة كلية شاملة تجعل للغة المصرية قوامها وأصولها وأسسها ومفاهيمها، كل ذلك بشكل راسخ لا ينكره عالم حقيقي أبدا. كل ذلك مع انتفاء ما يوقع في الحيرة، أو يمكن أن يوجد فيه شيء يعارض شيئا آخر من المحتوى الشامل.
كما أني كنت قد أجريت بحثا في اللغة العربية (مثاني الكلمات) ووصلت منه إلى نتائج ثابتة في المراحل التي مررت بها في ذلك البحث، ورغم أن البحث لم ينته حتى الآن إلا أني وجدت من بين ما أورده الدكتور السعداوي ما يؤيد بحثي في اللغة العربية.

بقي أن أؤكد أن ما توصل إليه الدكتور أسامة السعداوي ليس تخمينا ولا حدسا ولا رجما بالغيب .. إنه علم صادر عن عالم حقيقي، لا عن دَعِيٍّ ولا عن متسلق لمنصب، ولا صالح له فيه إلا رضا الله عز وجل. ولقد تمكنت من مراسلته، ووقفت على حاله إزاء هذا العلم الجليل. وكم شرفت بالتعرف على مثله فهو النمط الفريد، وهو الإمام لعلوم المصريات، ومن يقتدي به يسلك صراط الله المستقيم، ومن يقتدي بغيره يظل على الضلال قائما. لقد اكتشف علماء المصريات بعض أخطاء شامبليون، منهم مخلصون صادقون أمثال والِس بدج، وجاردنر، فلماذا تستمر قراءة شامبليون ويستمر استخدامها من لدن جميع المختصين خصوصا في مصر؟

هناك بحث طريف قام به الأستاذ محمد عبد الحكيم، أحصى فيه أخطاء شامبليون وأثبت ذلك بما هو موجود في مراجع اللغة المصرية القديمة، ومن شاء فليطلع عليه.
كما أن الدكتور أسامة السعداوي نفسه نقد النظرية التي بنى عليها شامبليون كل افتراضاته؛ خصوصا في استخلاص الأصوات مما سماهما الخرطوشين الملكيين لكل من أنطونيو وكليوباترا، وسأل .. هل توجد امرأة مصرية في المجتمع المصري اسمها كليوباتره؟

وأمثلة كثيرة منها .. نفرتيتي التي "افتكس" شامبليون صوتا لإحدى العلامات الصوتية من عندياته فسماها [نفر]، رغم أنها علامة تكررت كثيرا في نقوش البيان المصري القديم .. وأساء ترجمة اللام فقرأها تاء، وعليه صار اسمها عنده نفرتيتي، وليلى المسكينة لم تسمع في حياتها كلها ذلك الاسم الذي أطلقه شامبليون عليها!
لقد اكتفى شامبليون بقوله .. مفتاح الحياة وهو يعالج المثنى الصوتي [لم] أي اللام والميم. فعطل قراءتها في جميع المواضع التي وردت فيها وهي من أكثر العلامات استخداما في نقوش البيان.

إن الأساليب التي تركها شامبليون، ولازالت أساسا يتبع، قد أتعبت كل علماء المصريات بلا استثناء، فقد كانت تأخذهم أولا إلى طريق الضلال وتغرقهم فيه، ويطول بهم العهد حتى يفيقوا فيكون الزمان قد انقضى بأكثرهم وهم لم يقدموا لنا إلا القليل.

في هذه الأيام يشغل معظم وقتي بحث ستكون له نتيجة مدوية وصاعقة أيضا؛ حول اللغة المصرية، وأقول اللغة المصرية، فهي لغتنا قبل العرب، وفي ذلك البحث إثبات موثق بأن العالم كله كان يتكلم لغة واحدة حتى تشتت الألسنة بعد طوفان نوح، وأن مصر وحدها هي الحضارة الوحيدة التي حفظت لغة نوح ولغة ما قبل الطوفان، ونسخت منها ملايين النسخ على مر العصور التاريخية في حضارة مصر سواء حضارة ما يسمى عصور الدول، أو حتى عصور ما قبل التاريخ المصري.

هنا سؤال لم تسأله الأخت العزيزة سارة وأحسبها تسأل السؤال بهذه الصورة:
ولماذا تؤيد فكر د.أسامة السعداوي حول الحضارة المصرية القديمة رغم تعدد الجبهات المناوئة له وتنوعها بين أصحاب مناصب رفيعة وحاملي أعلى الدرجات العلمية في علم المصريات، وجبهات دينية متعارضة فيما بينها، لكنها تتفق جميعا على التصدي لفكر الدكتور أسامة السعداوي؟

أرى أن شيئا كهذا كان يجول بخاطرها وهي تصوغ السؤال، وأرى أيضا أن أبين هذا حتى لو لم يكن مما جال بخاطرها؛ فإنه حتما يجول بخواطر كثيرين غيرها.
وسوف أكتفي الآن بهذا القدر؛ على وعد أن أتناول هذا الشق من الموضوع: شق الجبهات المناهضة، وأتولى توضيح ذلك تبعا لكل جبهة ودوافعها ومواطن استناداتها، وتفنيد المغالطات التي تتبناها تلك الجبهات وبيان عـَورها؛ أفعل ذلك بتجرد تام، وحيادية تامة، وليعلم الجميع أني حين أؤيد الدكتور أسامة وأناصره؛ إنما أفعل ذلك ابتغاء وجه الحق؛ وجه الله الحق، "ولينصرن الله من ينصره". وما أفعل شيئا غير أني أنصر الحق، فهذا نصر لله. لعلي أكون ممن شملتهم هذه الآية الكريمة بالنصر، فينصرني الله على الباطل وعلى الطاغوت، وعلى الشيطان، وعلى نفسي أيضا.


***


تعقيب وتتمة للإجابة على أسئلة الأخت العزيزة الأستاذة ساره بيصر


الدكتور أسامة السعداوي .. اكتشافاته المذهلة وردود الأفعال الناتجة عنها ..

ينقسم هذا الموضوع إلى قسمسن أساسيين ..
القسم الأول منها رصد اكتشافات الدكتور أسامة السعداوي دون تعليق عليها. وذلك متوفر على الشبكة الدولية لمن يرغب في التابعة .. فقط يكتب .. الدكتور أسامة السعداوي، وسيجد سيلا من المعلومات يبلغ أكثر من خمسة آلاف صفحة.
القسم الثاني .. قسم أصحاب ردود الأفعال تجاه مكتشفات الدكتور أسامة السعداوي ..
وينقسم بدوره إلى قسمين ..
الفرع الأول وهم المؤيدون .. ومنهم من هو موجود على المشباك، (كما يسميه الدكتور إبراهيم عوض نفع الله به). ومواقع كثيرة للقراء الذين عشقوا ما توصل إليه الدكتور أسامة السعداوي أيده الله بنصره.
الفرع الثاني وهم المعارضون.
ينقسم المعارضون والمنكرون إلى أقسام مختلفة هم الآخرون.
سيتم تحديد كل قسم وإظهار وجهات النظر الخاصة به وتناول تلك الوجهات بالنقد وبالتعليق.
من هم المعارضون لاكتشافات الدكتور أسامة السعداوي؟
أسوق هنا الجبهات الرئيسية، وأترك فرعياتها.


أولا .. جبهة أنصار شامبليون ..
يرتكز أولئك على أن الدكتور أسامة استند في بعض أدواته على نتائج توصل إليها غيره من العلماء السابقين أمثال والس بدج وجاردنر، وهؤلاء كانوا ممن هاجمهم علماء المصريات بشراسة وضراوة، وقد تحملوا الكثير من جراء ما توصلت إليه أبحاثهم. والذين هاجموهم هم أتباع نظرية شامبليون أنفسهم. فهم لا يريدون لأية حقيقة أخرى أن تذيع في علم المصريات غير ما يكون تحت وصايتهم هم. وأغلب اعتقادي أنهم أتباع الوثنية الرومانية السارية حتى الآن.
إنهم يقاومن بشدة بسبب مخالفة ما توصل إليه الدكتور أسامة السعداوي، ومن قبله علماء مخلصون، لما استقرت عليه أحوال مفاهيم علم المصريات منذ ترجمة شامبليون لحجر رشيد. وهؤلاء يتنوعون بين المنتفعين، والخائفين على المناصب، وكذلك الذين أضرت اكتشافات الدكتور أسامة بأبحاثهم وأدبياتهم في الصميم بحيث صارت لا قيمة لها.


ثانيا .. جبهة الصهيونية العالمية ..
تستند الصهيونية العالمية في نظريتها وتفسيراتها إلى التلمود، وهو كتاب وضعه علماء اليهود واتخذوه منهجا ومقياسا لكل ما يحدث في العالم. وقد اصطدموا أول الأمر بسيدنا عيسى المسيح، ولم يتبعوه. وعملوا الأهاويل ضد المسيح ودعوته.
ومشكلتهم مع اكتشافات الدكتور أسامة السعداوي وقراءاته هي أنه يفضح كل أكاذيبهم التي افتروها على الله، وتخاريفهم التي اعتقدوا أنهم يلزمون بها طبيعة الأشياء تعسفا وقهرا. ولكن لا حيلة لهم أمام هذا الطود العظيم ونتائجه الراسخة.
وقد تم ذلك منه بمستندات تاريخية تفوق جميع المستندات التاريخة من حيث أصالتها، ومن حيث مصداقيتها. إنه يلغي كل تخاريفهم وادعاءاتهم ومزاعمهم، حتى لغتهم التي يزعمونها، فإن لغة بني إسرائيل لا تختلف عن لغة المصريين من عهد يوسف، إلى عهد موسى، وحتى إلى عهد عيسى المسيح عليه السلام.
بالنسبة لهم، هي ضربة قاتلة في القلب، ولا يمكن أن يعترفوا بصحة ما توصل إليه الدكتور أسامة السعداوي مهما كلفهم ذلك.


ثالثا .. جبهة المتشددين المسيحيين ..
لقد فرح نصارى مصر المعتدلين بما توصل إليه الدكتور أسامة خصوصا فيما يتعلق بالمسيح والعذراء مريم. كان اعتمادهم على قراءات شامبليون وأتباعه لاتوصلهم إلى أي دليل على تواجد المسيح والسيدة العذراء ويوسف النجار في مصر.
لقد قتلوا الكتب والمراجع بحثا وراء أي خيط يدلهم دلالة مباشرة على تلك الولقعة الشهيرة في تاريخ النصرانية، ولكن لم يجدوا ما تقر به عيونهم ويربط على قلوبهم.
فلما صرح الدكتور أسامة السعداوي بهوية المسيح وهوية العذراء وبرج العذراء في التقويم المصري القديم، بدا لهم كمن يقدم لهم أمنية عزيزة على طبق من فضة دون عناء منهم يذكر .. ففرحوا به أشد الفرح وعظموه واحتفوا بما توصل هو إليه.

إلا أن الغلاة منهم انقسموا إلى قسمين ..
أ- أحدهما اتخذ من بعض ما ورد في أبحاث الدكتور أسامة أداة .. وراحو يحاولون التأكيد على العامية دون الفصحي، ويسرقون منه بعض ما توصل إليه دون ذكر المصدر، في محاولة منهم لضرب الفصحى لغة القرآن.

ب- والقسم الآخر وهو الأكثر تشددا، وهولا يختلف في فكره ولا في تكوينه عن فكر الصهيونية التلمودية، ولعلكم تعرفون ذلك التيار جيدا، تيار الحزب المسيحي الصهيوني. وهو تيار مبني أساسا على المغالطات التاريخية للفكر التلمودي الصهيوني.


رابعا .. جبهة المتشددين من غلاة الجماعات الإسلامية ومنهم بعض المنغلقين فكريا ..

وهؤلاء بالذات أمرهم عجيب، ولا يدل اعتراضهم إلا على انغلاق فكري لا مثيل له. فتجدهم يسألون .. هل كان القرآن موجودا أيام قدماء المصريين؟ لا يمكن ذلك! وهذا يدل على أنهم لا يعرفون من دين الله سوى قشور حولوها في عقولهم إلى خشارات. لو سألت أي واحد منهم عن خالد بن سنان العبسي نبي بني عبس عليه السلام، لما وجدت لديهم عنه جوابا.

تجدهم يقولون بأشداق واسعة .. إن العرب كانوا على الملة الإبراهيمية، ومع ذلك تبدو ردودهم وانفعالاتهم وكأن الملة الإبراهيمية ليست من كتاب الله. وكأن آدم لم يعلمه الله الكتاب، وكأن إدريس لم يعلمه الله الكتاب، وكأن نوحا لم يعلمه الله الكتاب، وكأن إبراهيم لم يعلمه الله الكتاب، وكأن موسى لم يعلمه الله الكتاب، وكأن عيسى لم يعلمه الله الكتاب؛ مع أنهم يجدون ذلك واضحا صريحا في النصوص القرآنية. وهل يبدل الله كلماته؟ حاشاه! لا تبديل لكلمات الله ولو كره المشركون. أولئك لا يعرفون معنى الكتاب ولا الفرقان، ولا حتى معنى قوله تعالى وآتينا داود زبورا. وأن الله لم يقل " الزبور". هم لايعرفون معنى الزُّبـُر كما وردت في كتاب الله المنزل على سيدنا محمد بن عبد الله.

وتوضيح ذلك واسع، ربما أتطرق له في موضوع مستقل. ولكن هؤلاء بالذات استغلوا كثيرا من الفرص لمقاومة اكتشافات الدكتور أسامة السعداوي بغباء وجاهلية لا تمتان للإسلام بأية صلة لا من قريب ولا من بعيد.

إن أي باحث محايد، وأي قارئ محايد، وأي متابع محايد لا يرضى لنفسه أن يكون ضمن أي من تلك التصنيفات الخمسة المدرجة أعلاه، فما بالنا بمن يزعمون الوصاية على دين الله وأنهم يعملون - كما يزعمون - على تعبيد الناس لربهم بالقهر والسيف والسكين! وينسخون بآية واحدة تسعين آية من كتاب الله الحق. والله المستعان على ما يصفون ..


***


بعض أفضال الدكتور أسامة السعداوي على علم المصريات

هو أول من تعرف بشكل واضح على أن اللغة المصرية اسمها "البيان" لا الهيروغليفية.
هو أول من قرر بشكل واضح أن كتابات المصريين ونقوشهم ليست مبنية على أبجدية كاللغات التي نعرفها بل مبنية على المثاني الصوتية والحروف المحددة أو المبينة (حروف التحديد والبيان).
هو أول من أعلن أن النطق الشفهي للغة المصرية لم يتغير منذ آلاف السنين وحتى اليوم.
هو أول من حدد أن اللوحات الجدارية هي كتابات وليست صورا للزينة ولا رسوما لآلهة.
هو أول من استطاع أن يقرأ ما لم يسبقه أحد في قراءته .. أعني كل ما كانوا يعتبرونه آلهة لعجزهم عن قراءتها.
هو أول من أعلن أن انبياء الله والصالحين مثل إبراهيم وإسماعيل ويعقوب وموسى وعيسى وهارون وامرأة عمران ومريم العذراء وامرأة فرعون أسماؤهم كتبت وخلدت في التاريخ المصري القديم. لقد كان العلماء قبله يعتبرون الصالحين آلهة، ويقرأون أسماء هؤلاء الصالحين قراءة خاطئة لا علاقة لها بمصر ولا بشعبها ولا بلغتها.
هو أول من اكتشف أن تمثال أبو الهول ما هو إلا رمز مصري قديم لسيدنا إبراهيم عليه السلام.
هو أول من علمنا أن معبد أبو سمبل ما هو إلا مسجد وقبلة كان المصريون يعبدون الله فيها على ملة موسى علية السلام.
هو أول من حدد تاريخ ميلاد كل من موسى وهارون وأن تعامد شعاع الشمس على التمثال داخل المعبد مرتين في العام ، ما تلكما إلا تخليد ذكري مولد كل من النبيين موسى وهارون.
من خلاله يمكن أن نفهم أن أتباع موسى ليسوا هم اليهود وحدهم. فالمصريون عبدوا الله على ملة موسى ولم يقولوا أبدا بأنهم يهود.
ويمكن من خلاله أن نعرف أن اليهود في مصر لم يكونوا كباقي أتباع موسى، بل هناك نصوص تقدح فيهم.
هو أول من شرح طريقة بناء الأهرامات بأسلوب علمي واقعي بعيدا عن تخاريف القصص التي حيكت افتراء بلا أي سند على أنأقواما جاءوا من الفضاء وبنوا الأهرامات ثم رحلوا. وبعيدا عن الحلول التي افترضها العلماء كقولهم بدفع الأحجار إلى أعلى على بكرات، أو على زحافات، أو على زحافات وبكرات، أو غير ذلك مما لا يمكن تحقيقه في الواقع العملي. وبعيدا عن القول بأن المصريين كانوا سحرة، وأنهم وظفوا السحر ليكون لهم معينا على رفع الأحجار ذات وزن الخمسة أطنان. لقد شرحها وشرح أماكن توصيل المياه ومكان البئر الرئيسية وسط الهرم، لقد عرفنا منه أول وأعظم مصعد له آثاره في تاريخ البشر جميعا: مصعد يعمل بالطاقة الـ"هيدروليكية"
هو أول من اكتشف أن المصريين عرفوا الاختزال واستعملوه في الكتابة.
هو أول من عرفنا من خلال أبحاثه واكتشافاته أن المصريين كانوا يكتبون البسملة والفاتحة، بصورة الاختزال أو بالتفصيل سواء بسواء.
فإذا تعجب سائل وقال: وهل كانوا أيضا يقولون: "بسم الله الرحمن الرحيم" كما هي في القرآن؟
وله نقول بثقة وثبات: "نعم!" ألم تقرأ قول بلقيس" إنه من سليمان، وإنه بسم الله الرحمن الرحيم؟ لقد كان سليمان ملكا مصريا آنذاك، وبلقيس جاءت إلى مصر لا إلى غيرها، ولوحات اسمها وقصتها موجودة في مصر وفي آثار مصر. فهل كان هناك ملك أعظم من ملك سليمان في زمانه؟ ذلك أمر يدركه أولوا الألباب. وهل كانت هناك قوة أعظم من مصر آنذاك؟ سؤال نحتاج إلى إثبات ضده إذا لم نقر بصحة جوابه المطروح، وهو نفي أن تكون هناك قوة كانت أعظم من مصر آنذاك، وإلا لقهرت سليمان وجنوده.


وأخيرا أقول .. هل تعلمون أن الْـكـُتـَّاب اختراع مصري قديم وأن اللوح كان من اختراعاتهم؟
من لا يصدق فليرنا أي بلاد العالم وجد فيها الكتاب غير مصر!
هل أدرك أحدنا أن لفظ الكتاب جمع كاتب؟ لم ينتبه أحد لذلك ولم يكتب لنا شيئا عنه!
كلنا يعرف أنه كان هناك المكتب، أو الكُتـَّاب. ولم يفكر أحد أن الكتاب هو اختصار لـ"دار الكتاب" أي المدرسة بمفهومنا الحالي
هل أدرك أحدنا أن المصريين كانوا يحفظون كتاب الله أولا ثم يكتبونه؟

تلك حقيقة تطل برأسها في كتاباتهم بين الحين والحين. ولقد كان ذلك من أهم الأسرار التي جعلت كتاباتهم عصية على الرومان حين سرقوا ما استطاعوا من حضارة مصر ونسبوها لأنفسهم. ظن الرومان أنهم أحسنوا صنع التماثيل بمهارة أكثر من المصريين؛ لأنهم لم يعلموا أنها كتابات لا تماثيل.

وهل تعلمون أن ما يسمى الكاتب المصري، إنما هو في حقيـقته هو كبير الكتبة في دار الكتاب؟ نعم هو كذلك. وكان له مقام المعلم الأكبر. تماما كمقام شيخ الأزهر في عصور الأزهر المختلفة؛ فدائما للأزهر شيخ! تماما كما كان لدار الكتاب شيخ. ومثال الكتاتيب هو المعاهد الأزهرية المنتشرة في أرجاء مصر. وهذا أيضا استمرار لفكرة المكتب أو ما درج على الألسنة باسم "الكتاب". لم يكن ممكنا أن نعلم ذلك قبل أن نقرأ نتائج أبحاث الدكتور أسامة السعداوي! هل في بلاد العالم الإسلامي مثل منصب مثل شيخ الأزهر؟ وهل في بلاد العالم الإسلامي مثل المعاهد الأزهرية؟

أليس هذا هو تيار تاريخ الحياة ينساب في سلاسة وسلام رقراقا عذبا من الماضي إلى الحاضر؟

وهذا هو تاريخ مصر قد اتصل بعد أن تآمرت عليه الدنيا عشرين قرنا من الزمان ليكتشفوا في النهاية أن تيار التاريخ حتمي، لم ينقطع ساعة واحدة من نهار .. هذه هي الأرض التي لم يرد ذكر بلد في كتاب الله المنزل على رسله بما يذكر مقارنة بذكر مصر .. أما آن لنا أن نتقي الله في مصر؟

أيها الناس! هذه هي مصر فانتبهوا!



سعيد سليمان




[img][/img]


عدل سابقا من قبل سعيد سليمان في الأربعاء يوليو 07, 2010 5:37 am عدل 2 مرات (السبب : تصحيح حرف)
سعيد سليمان
سعيد سليمان
Admin

عدد المساهمات : 28
تاريخ التسجيل : 28/05/2010

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى